الخميس، 27 يونيو 2013

انقلابات موريتانيا

انقلابات موريتانيا:
مدونة أهل آماه سادة الدنيا : انواكشوط 27-06-2013 الساعة : 11:38
بعد استقلال موريتانيا عن فرنسا في عام 1960، وتنصيب المحامي المختار ولد داداه (أبو الأمة) كرئيس للجمهورية الفتية، دخلت موريتانيا في أتون أزمات متتالية. فمن إثبات الهوية والوجود على إثر عدم اعتراف المغرب بها كدولة مستقلة واعتبارها جزء من الأراضي المغربية إلى صراع الصحراء، وجدت موريتانيا نفسها طرفا في مشكلة الصحراء الغربية، وبالتأكيد كانت الطرف الأضعف مقارنة مع المغرب والجزائر وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر والدول الاشتراكية.
بعد خروج الاستعمار الاسباني من الصحراء الغربية عام 1975، تقاسمت الدولتان هذه الأرض المتنازع عليها، فتم ضم جهة وادي الذهب إلى موريتانيا، وكثفت جبهة البوليساريو من هجماتها على موريتانيا باعتبارها الحلقة الأضعف، وبلغت الهجمات ذروتها حين دخلت الجبهة مدينة نواكشوط عاصمة الدولة الموريتانية في يوليو من عام 1977.
وأدى تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية إلى تنفيذ بالجيش الموريتاني أول انقلاباته عام 1978 على الرئيس المختار ولد داده.
وقاد الانقلاب مجموعة من القادة يتزعمهم محمد خونا ولد هيداله ومصطفى ولد السالك وجدو ولد السالك وولد بوسيف. ونصب العقيد مصطفى ولد السالك كرئيس للجمهورية وعلقت الحياة السياسية والحزبية. وفي يوم 6 إبريل من عام 1979، تم تنفيذ انقلاب أبيض كان من نتائجه إسناد رئاسة الوزراء للعقيد بوسيف مع إبقاء منصب الرئاسة للعقيد مصطفى ولد السالك دون صلاحيات تذكر.
وعلى إثر مقتل بوسيف في حادث سقوط طائرته المتجهة نحو السنغال، شكلت لجنة عسكرية جديدة عرفت باسم اللجنة العسكرية للخلاص الوطني، وكان الرجل النافذ فيها والشخصية المسيطرة على مراكز القوة بها هو ولد هيدالة الذي أمضى 10 أشهر رئيسا للحكومة مسندا بشكل صوري رئاسة الدولة للمقدم محمد محمود ولد أحمد لولي الذي كان يشغل قائد الدرك الموريتاني، وفي شهر يناير من عام 1980، أزاح ولد هيدالة المقدم ولد أحمد لولي ليجمع بين يديه رئاسة اللجنة العسكرية ورئاسة الحكومة ورئاسة الدولة ووزارة الدفاع في نفس الوقت.
عرف عن ولد هيدالة شدة وطأته بمعارضيه، كما أنه كان متعاطفا مع البوليساريو إلى حد الاعتراف بالجمهورية الصحراوية، هذه العوامل أثرت سلبا في بقاء ولد هيدالة على سدة الرئاسة. فالمغرب و من وراءه فرنسا والغليان الداخلي ساهما في زعزعة نظام ولد هيدالة، حيث تعرض لمحاولة انقلاب عنيفة عام 1981، قامت بها قيادات من منظمة التحالف من أجل موريتانيا الديمقراطية المدعومة من المغرب مما دفع بولد هيدالة إلى قطع علاقاته الدبلوماسية بجاره الشمالي. وأمام هذه الأزمة السياسية والاقتصادية المتفاقمة في موريتانيا لجأ ولد هيدالة عام 1983 إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ومحاربة الرق.
اعترفت موريتانيا بالجمهورية العربية الصحراوية في فبراير1984، وفي 12 ديسمبر من نفس العام أطاح انقلاب عسكري أبيض بمحمد خونا ولد هيداله بقيادة معاوية ولد سيد أحمد الطايع. وفي عام 1992 نظم معاوية انتخابات رئاسية فاز فيها ثم أعاد ترشحه على التوالي سنتي 1997 و2003 وكان الفوز ملازمه كما هو حال الانتخابات في الدول العربية.
استمر معاوية في حكم موريتانيا عشرين عاما، تعرض خلالها لمحاولتين انقلابيتين فاشلتين، الأولى عام 1987 قادها بعض الضباط الزنوج المنتمين إلى جبهة التحرير الأفريقية بموريتانيا، كان من نتائجها أن قام بحملة طرد للزنوج الأفارقة وكذا توتر العلاقات الموريتانية السنغالية.
الثانية قادها صالح ولد حننا عام 2003، وكاد ورفاقه أن يستولوا على السلطة لولا تدخل خارجي. وهذا الانقلاب كان نذير شؤم لمعاوية الذي تميز أخر حكمه بالارتماء في أحضان أمريكا مما أزعج الحليف الاستراتيجي فرنسا، خاصة وأن موريتانيا باتت على وشك الانضمام للدول النفطية، غير أن المثير هو اعتراف معاوية ونظامه بإسرائيل وفتح سفارتها في نواكشوط مما زاد من كره الشعب له.
وفي 3 أغسطس من عام 2005، قاد علي ولد محمد فال ومجموعة من الضباط انقلابا أبيض على معاوية الذي كان خارج البلاد يعزي في وفاة الملك فهد ملك السعودية. وتعهد ولد فال بعودة الديمقراطية إلى البلاد وهذا ما فعله إذ تنحى عن السلطة وسلمها للرئيس المنتخب سيدي ولد عبد الله. لكن في 6 أغسطس من عام 2008، نفذ الجنرال محمد ولد عبد العزيز انقلابه على الرئيس المنتخب لتعود موريتانيا إلى عهدة العسكر.
والانقلابات الناجحة في موريتانيا لا تحمل أي طابع إيديولوجي، وإنما نزوة ضباط وحرب مصالح. ويلاحظ أن الانقلابات الناجحة هي تلك التي قام بها الضباط الذين درسوا إما في مدارس عسكرية فرنسية كمعاوية وولد هيدالة، أو من مكناس بالمغرب مثل علي ولد فال ومحمد ولد عبد العزيز، في حين كان مآل انقلاب صالح ولد حننا الفشل لأنه كان عروبي التوجه فقد درس في المدرسة العسكرية بالرياض.

ليست هناك تعليقات: